النرجسية تغزو العالم..تعرف على ماهيتها وعلاجها

إذا نظرت سريعًا على ما يجري في وسائل التواصل الاجتماعي، فقد تنتهي إلى الاعتقاد بأن النرجسية غزت العالم، على الأقل العالم الرقمي. ويتفق خبراء الصحة العقلية على أن النرجسية باتت أكثر انتشارًا ووضوحًا في الحياة اليومية. وليس من الغريب الانتشار الهائل لصور السيلفي في مواقع التواصل الاجتماعي حتى بات أمرًا اعتياديًا بين أبناء الجيل الحالي.

ما هي النرجسية

يصف قاموس كولينز باللغة الإنجليزية النرجسية بأنها “اهتمام استثنائي بالذات أو الإعجاب بها، خاصة المظهر الجسدي للذات”.
إنه الإفراط في حب الذات، والاهتمام بالمظهر الخارجي وراحة الذات وتضخيم الفرد من أهميته وقدراته. وهذه الكلمة نسبة إلى أسطورة يونانية، ورد فيها أن نركسوس كان آية في الجمال وقد عشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء.
وتشمل النرجسية مجموعة من الصفات الشخصية التي ربما لدى أي منا بعضًا منها، ولكن في الحالات الأكثر تطرفًا، يتم تشخيصها في خانة الصحة العقلية بأنها “اضطراب الشخصية النرجسية”.

كيف يمكنك اكتشاف الشخص النرجسي

يقول تينيسون لي، وهو مستشار بريطاني متخصص في اضطراب الشخصية النرجسية، إن هناك تسعة معايير تشخيصية للمرض على النحو المنصوص عليه في دليل التشخيص والإحصاء في جميع أنحاء العالم.
ويجب على المريض أن يفي بخمسة على الأقل من المعايير التالية كي يُصنف في خانة النرجسيين:

  1. أن يكون لديه شعور مبالغ فيه بأهمية ذاته.
  2.  أن تكون لديه أوهام النجاح والقوة.
  3.  الإعجاب المفرط، الذي يجعله يؤمن بأنه فريد من نوعه.
  4.  الشعور بالاستحقاق.
  5.  أن يكون استغلاليًا ويحسد الآخرين ولا يتعاطف معهم.
  6.  أن تدل مواقفه على التكبر والعجرفة.

ويقول: “تُصنف حالة الشخص على أنها اضطراب، عندما يسبب اهتمامه المفرط، نوعًا من المعاناة أو المصاعب للمحيطين به”.

هل تحولت إلى وباء

وفقًا لدراسة أجريت في الولايات المتحدة، فإن 6 ٪؜ من الأمريكيين نرجسيين.
ومع ذلك، هناك خمس دراسات أخرى على الأقل استخدمت معايير أكثر صرامة ولم تستطع العثور على حالة واحدة للنرجسية، حتى عند استخدام عينات كبيرة جدًا ويقول أحدهما: “لا اعتقد أنها حالة سريرية يمكن تشخيصها وفهمها على نحو كافٍ من قِبل الإختصاصيين”.

علاج اضطراب الشخصية النرجسية

يقول أحد الأطباء إن العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية النرجسية يأتون إليه معتقدين أنهم مصابون بالاكتئاب، ولكن في الواقع فإن الأدوية المضادة للاكتئاب لن يكون لها أي تأثير على مرضى هذا الاضطراب.
ويضيف: “علاج اضطراب الشخصية النرجسية ليس بالأمر السهل على الإطلاق”.

إنه شكل من أشكال العلاج النفسي الصعب، لأن إقناع المريض بوجود مشكلة لديه أمر صعب جدًا، فهم عامةً يعتقدون أن الآخرين يتحملون المسؤولية.
سوف يأتي الكثيرون متأخرين إلى الجلسات أو لا يحضرونها على الإطلاق، لأنهم لا يعتقدون أن العلاج أو الشخص الذي يعالجهم مهم. والخبر السار هو أن مستوى النرجسية ينخفض مع تقدم العمر.

ويقول برنت روبرتس، أستاذ علم النفس بجامعة إيلينوي: “تتراجع النرجسية بشكل كبير مع تقدمنا في السن”.
ويضيف: “في الواقع، إذا كان هناك أي شيء اعتقد أنه عالمي فهو أن كبار السن أقل نرجسية من الشباب”، وقد أكدت العديد من الدراسات ذلك بشكل متكرر ومقنع.

النرجسي الذي يعترف بنرجسيته

يعتبر تيودور نفسه أحد كبار النرجسيين في بريطانيا. ويقول إنه يعرف ذلك، منذ سن مبكرة: “لقد شعرت بالرضا من التلاعب بالأفراد لتحقيق غاياتي، وبعد أن أنهيت الجامعة، أوضحت لي صديقتي آنذاك، وكانت خريجة علم النفس، أنها تعتقد أنني مصاب باضطراب الشخصية النرجسية، ومنذ ذلك الحين تم تشخيص الحالة”.
ويضيف: “أنا أفهم ذلك بسبب مستوى ذكائي ووعيي، لماذا يعتقد الناس أن ما أفعله مؤذٍ، لكنني لا أهتم بذلك لأنه يلبي احتياجاتي”.

الآن، حالته تساعده في كسب رزقه، ونشر سلسلة من الكتب حول النرجسية، وسيقوم بتقديم الاستشارات والنصائح عبر الإنترنت للأشخاص الذين يعتقدون أنهم يعيشون مع أمثاله مقابل سبعين دولار للجلسة.

ويقول تيودور إنه يعمل بجد بشكل ناجح، والسبب برأيه يرجع إلى انتشار النرجسيين، “اعتقد أن الطريقة التي تحول بها المجتمع، أصبحت أكثر نرجسية وهي ظاهرة تزداد بشكل مضطرد”.

لكن البروفيسور روبرتس يختلف مع هذا الرأي ويقول: “لقد أخذت مجموعات من ثلاث جامعات مختلفة وأظهر التحليل تراجع نرجسية الطلاب بالفعل على مدار ثلاثين عامًا”.

وخلاصة القول هي أنه على الرغم من أن النرجسية سهلة التعريف، إلا أنه من الصعب قياسها.
ومن المؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي تشجع السلوك النرجسي. بعد قراءة هذا المقال هل تعتقد انك شخصية نرجسية؟

اضف تعليق