التلعثم والرهبة من مواجهة الجمهور والعلاقة بينهما
نوران مصطفى
يبدأ الأمر ببعض التوتر المكتسب من الأجواء العامة، وبعض الخوف المتعلق بالتوقعات الفائقة عن أفضل أداء من الشخص، على كلٍّ إن لم تكن مريض بالجلطات أو تشوهات بجهاز النطق او الصدمات الكبيرة وتتلعثم فإن حالتك ليست بخطيرة أو مستعصية، التلعثم لا يُفرق بين موقف يستدعي الجدية أو موقف عابر فهو لا يأتي بجرس إنذار، لكنه في غاية البساطة والسهولة إن توفرت سبل الحد من مسبباته فهو عرض وليس بمرض.
معنى التلعثم
التلعثم “أو التأتأة” هو عرض نفسي شائع يصاب به أغلب البشر، لا يحتاج إلا لتوفر الظروف المناسبة الهادئة حتى يختفي تمامًا، وهو يعني التأني في الكلام أو التوقف لفترة في منتصف الكلمة أو أخرها لعدم القدرة على الاستمرار، وهو ضيف ثقيل يأتي لأي شخص، يظهر بكثافة عند الأطفال في بداية تعلمهم الكلام وفي أحيان يستمر معهم حتى المراهقة ويقل تدريجيًا أو لا يقل على الإطلاق، وقد يكون بسبب صدمة نفسية في الكبر أو الجلطات.
أسبابه
يُذكر أن حالات التلعثم المتفاوتة تحدث نتيجة أمراض عضوية كالجلطات أو تشوهات في جهاز النطق وكلها يمكن معالجتها، ولكن الغالبية العظمى هي حالات نفسية منذ الصغر، فالطفل يحاول تعلم الكلام ممن حوله ويتلعثم في البداية كطبيعة الأطفال، لكن حينما تطول المدة ويستمر التلعثم يجب النظر في الأمر بجدية خاصةً من الوالدين، فإن كان أحدهما أو كلاهما شخص عصبي يميل للتحدث بصوتٍ عالٍ فهذا يسبب توتر للطفل وقد يتلعثم من شعوره بالضغط، أو العكس تمامًا فيمكن أن يكون الطفل في بيت هادئ للغاية وينشأ بشكل طبيعي مع تلعثم خفيف يصيب الجميع، لكن ضغوط المجتمع زادت الأمر لديه، وهذا بالتحديد ما حدث للملك جورج السادس حاكم انجلترا وقت الحرب العالمية الثانية.
التلعثم في حياة الملك جورج السادس
هو شخص نشأ في أسرة عريقة، لم يواجه ظروف عصيبة في حياته كما واجهها عامة الشعب أو الشعوب الأخرى، لكنه في أول خطاب يلقيه على شعبه وقت الحرب أدرك ما يمر به، توتره والخوف الكامن بداخله و زيادة عبء تحمل مسؤولية دولة بأكملها مع اكتشافه لرهبته من مواجهة الجمهور في تلك اللحظة جعلت منه أضحوكة، كأنه طفل في بداية عمره يحاول الكلام ولا يقدر على إكمال عبارة واحدة دون تلعثم، وعلى الرغم من صعوبة حالته وبعد محاولات عديدة لعلاجه كلها باءت بالفشل، إلا أنه تجاوز الأمر بمساعدة معالج ذكي، استطاع أن يقنعه بأنه ليس مريضًا بالتلعثم وإنما هو فقط يعاني من القلق والخوف، وبالحديث عن المخاوف والحمل الكبير الذي يشعر به والتدريب على إطلاق العنان لنفسه ولخياله نجح، واستطاع أن يلقي خطابًا طويلًا كاملًا دون أن يخطأ، وهو الشخص الذي عانى طوال حياته من التلعثم ولم يكن يدري أنه فقط خائف.