الأذية المغلفة.. وأشياء أخرى عن العنصرية
نوران مصطفى
من المفاهيم السائدة في المجتمع أن العنصرية هي التفرقة في المعاملة أو الفرص بناءً على تقسيم الأشخاص حسب اللون أو الجنس أو العرق أو المعتقد الديني، وأن الشخص العنصري يوجه العداء الذي بداخله بشكل واضح لكل شخص مختلف عنه، ولكن للعنصرية وجوه أخرى وساعد على ذلك الكثير من الأشياء مثل وسائل التواصل الاجتماعي وأساليب التربية والتجريح تحت بند حرية الرأي وغيرها من الآفات، إن ما يتم حاليًا هو إهانة الأشخاص بكلام معسول، فلا يجد الشخص سوى تقبل كلام الآخر الذي مدحه وهانه في نفس الجملة.
العنصرية والنوايا الطيبة
انتشار أي أمر بسرعة يرتبط بوسائل التواصل الاجتماعي، ومنذ فترة ليست ببعيدة انتشرت ظاهرة صور لأشخاص مرضى أو أطفال مصابين بمتلازمة داون مع عبارات تحتوي على إهانة خفية في طيات جملة لطيفة، وعلى هذا المنوال ظهر العديد من الأشخاص يفعلون المثل مع أشخاص مختلفة وحالات أكثر، والأمر الذي يمنع الكثيرون من محاسبة هؤلاء هو ردهم السريع -أو الافتراض- بحسن نواياهم، فهم أشخاص يحاولون رفع الروح المعنوية لآخرين، لكن كلماتهم كالكعكة المسمومة، فهم يوجهون العنصرية لإصابة أكثر المشاعر اللطيفة في مقتل ومن أشهر الأساليب والجمل:.
- “على الرغم من كونه مريض -بأي شيء يمكن معرفته من خلال ملامح الوجه- إلا أنه جميل.. سبحان الله! كيف يمكن ذلك”
وهذه العبارة هي الأشهر، يقوم الشخص بمدح شيء بشكل ما مع ذكر مرض أو صفة فيه على سبيل التقليل أو ربما فعلا حسن النية لكنها وللأسف عنصرية بحتة. - “أتعلمين.. إنكِ فتاة لكن عقلك واعٍ”
يعتبرها البعض مدح، لكنها چُلّ العنصرية والتقليل ومع ذلك يستخدمها الكثيرون نساء ورجال سواء بقصد أو بغير قصد للتقليل. - “لست من المدن الحضرية؟، لكنك مثقف”
وكأن التعلم والمعرفة مقصور على مدن بعينها ولا يمكن أن يتعداها. - ” شكلك ليس بجمال إخوتك.. لكنك بالتأكيد ستكون جميل من الداخل”
جملة تحمل العنصرية والمقارنة والكثير من المشاعر السلبية.. ومع الأسف تُقال لأطفال دون ال10 سنوات
التفسير العلمي لهذه الحالة
العدوان الدقيق أو الـ Microaggression، وهي عبارة عن تصرفات منحازة لانتماءات الشخص بشكل غير واعٍ، ظهر المسمى عام 1970 على يد طبيب نفسي بجامعة هارفارد واصفًا ما يتم من إهانات للأمريكيين من أصل أفريقي، وعلى الرغم من أن ما يحدث هذه الفترة أقل وطأة من العنصرية في الولايات المتحدة قديمًا إلا أنه أشد قسوة ويدل على مرض صاحبه واحتياجه للمساعدة، معرفة أن لا إنسان كامل -وحدها- لا تكفي والأهم منها هو تواضع كلٍ منا، إن كنت لا تعي عيوبك كلها بعد فلا تحاول إظهار أو اكتساب عيوب أخرى.