هل الاكتئاب مرض..تعرف على طرق التعامل معه

يُعد الاكتئاب اضطراب نفسي شائع تختلف شِدَّته باختلاف أسبابه، وقد عرَّفه أحد عُلماء الطب النفسي على أنه “حالة ذاتية وخبرة وجدانية تصيب الفرد وتجعله يشعر بأعراض الحزن والتشاؤم فضلًا عن كونه شعور باللامبالاة، وفقدان الاهتمام، والرغبة في إيذاء النفس، وفقدان الشهية والشعور بالذنب”.

هل الاكتئاب مرض؟

وعلى عكس ما يعتقده البعض فإن الاكتئاب يُصنَّف كمرض ويُعد من الأمراض المُنتشرة حول العالم وله أعراض وأسباب وطرق علاج مثله كأي مرض آخر، ولأن الاكتئاب مرض نفسي لذا فإن أعراضه مُختلفة عن تلك الخاصة بمرض السكري مثلًا، ولكن ذلك لا يُقلل من أهميته ولا يتنافى مع كونِه مرضًا يجب علاجه.

  • نِسَب حالات الاكتئاب

أوضحت دراسة أُعدت في الولايات المُتحدة أن الاكتئاب يصيب واحدًا من بين أربعة أشخاص في مراحل الحياة المُختلفة، وعلى حسب ما أعلنته منظمة الصحة العالمية فإن حوالي 300 مليون شخص حول العالم يعانون من الاكتئاب إذ زادت نسبة المصابين بحوالي 18% في الفترة بين 2005 إلى 2015، كما أن النساء في سن 25-14 تُعتبر أكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب عن الرجال ولكن تتساوى النسبة غالبًا مع تقدم السن، كما تزيد نسبة إصابة المُراهقين والشباب في مُقتبل العمر كنتيجة للتغيرات الجذرية في الحياة أثناء هذا السن.

أسباب الاكتئاب

اختلف الباحثون حول مُسببات الاكتئاب حيث إن أسباب أي شعور نفسي غالبًا ما تكون مُختلفة من شخص لآخر لذا فإن أسباب الاكتئاب كثيرة ومُتنوعة وتعتمد على الظروف المُحيطة والعُمر بجانب عوامل أخرى منها:

  • الجينات:

حيث وُجد أن وجود الأشخاص في عائلات لها خبرة سابقة بالاكتئاب قد يزيد من نِسَب ظهوره على باقي الأجيال، وقد قيل أن الجينات تُعد من أهم أسباب الاكتئاب.

  •  أسباب في الشخصية:

فهناك شخصيات تزيد لديهم فُرص الإصابة بالاكتئاب عن آخرين كأولئك الذين يكتمون مشاعرهم مثلًا أو من يعانون من قلق مُفرِط والموسوسين، كما أن هناك بعض الأشخاص التي تكون لديهم نظرة عامة تشاؤمية أو كئيبة تجاه الحياة إذ تغلب عليهم الصورة السلبية للنفس وللعالم وهم غالبًا ما يميلون لجلد الذات والنظر إلى نجاحاتهم في الحياة على أنها أمر عادي لا يستحق الفرح، فهؤلاء الأشخاص يكونون أكثر عُرضة لإختبار الإكتئاب في مرحلة من أعمارهم.

  • المرض الجسدي (أحيانًا):

في بعض الحالات عندما يُصاب الشخص بمرضٍ ما فإن حالته النفسية غالبًا ما تسوء وقد ينتهي به الأمر إلى الاكتئاب ويختلف ذلك على أساس طبيعة الفرد كما ذكرنا، فمثلًا هناك شخص قد يُصاب بالاكتئاب لإصابته بمرض ليس بمُميت كمرض السكري، وآخر قد لا يُصاب بالاكتئاب حتى وإن كان مريض بالسرطان، ففي النهاية الموضوع مُعتمد في كثير من الأحيان على شخصية الفرد نفسه ونَمَط تفكيرِه في الحياة بوجهٍ عام.

  •  بعض الأحداث:

والأحداث هنا لا تعني فقدان شخص عزيز أو الفشل في الدراسة لأن الألم النفسي الناجم عن هذه الأحداث غالبًا ما يُسمى بالحزن وليس بالاكتئاب لأن السبب هنا واضح وغالبًا ما سينتهي هذا الحزن أو سيتعايش الشخص معه بمرور الأيام، ولكن الأحداث المؤدية للاكتئاب غالبًا ما تكون خفية أو ليست مُتصلة مباشرةً بحدوث الاكتئاب وغالبًا ما يكون تأثيرها تراكميًا من الطفولة ومنها:

  1.  سواء معاملة الطفل أثناء الصِغَر.
  2. الأذى الجسدي للطفل.
  3.  تسلُط الآباء والعقاب الدائم.
  4.  قلة الاهتمام.
  •  بعض الأدوية:

لقد أُثبِت أن هناك بعض العقاقير التي يكون الإصابة بالاكتئاب أحد أعراضها الجانبية كالأدوية المُضادة للصرع وحبوب منع الحمل وأقراص البروجيستيرون ومُدِرات البول وبعض الأدوية المعالِجة لارتفاع ضغط الدم بالإضافة إلى المُهدئات القوية وغيرها، لذا فلا يُنصح باللجوء لأي دواء دون استشارة طبيب.
والجدير بالذكر أنه وعلى الرغم من وجود العديد من المُسبِبات للاكتئاب إلا أن العديد ممن أُصيبوا به في مرحلة ما أكدوا أن المصاب غالبًا ما يجد صعوبة في تحديد ماهية السبب.

أعراضه

غالبًا ما يعاني مرضى الاكتئاب من نفس الأعراض ولكن مع اختلاف الشدة من طفيف ومُعتدِل إلى شديد ومن هذه الأعراض:

  1. فقدان الطاقة: غالبًا ما يشعر الشخص المُصاب بخمول تجاه كافة أنشطة الحياة بما فيها الأنشطة التي كانت تُثير اهتمامه في يوم من الأيام فيشعر الشخص المُكتئب بفقدان الشغف والسرور تجاه الأشياء والأشخاص بل وتجاه الحياة برُمتها.
  2.  الشعور الدائم بالذنب: حيث يُؤنِب الشخص المُكتئب نفسه طوال الوقت على مواقف خارجة عن السيطرة بل وأحيانًا مواقف لا تستحق فيزيد ذلك من انتقاده لذاته وجلدها.
  3.  فُقدان التركيز: غالبًا ما يفقد الشخص المُكتئب التركيز في أنشطة الحياة اليومية فيجد صعوبة قُصوى مصحوبة بمجهود غير عادي للاهتمام بالدراسة أو العمل.
  4.  اضطراب النوم: حيث يميل الشخص المُكتئب إلى النوم بكثرة أو على العكس تمامًا قد يواجه صعوبة شديدة في النوم في كل الأوقات.
  5.  تغيُر الشهية: وهذه أيضًا تكون إما عالية بشِدَّة فتزداد الشهية فجأة وبدون مُبرر ويكون ذلك مصحوبًا بزيادة حادة في الوزن أو تقل الشهية جدًا فيقل وزن الشخص بشكل ملحوظ.
  6.  كثرة التفكير في الانتحار: حيث إن هذا العَرَض يُعد منطقيًا للشخص المُكتئب نتيجة التفكير الدائم بعدم الجدارة وعدم الاستحقاق فيؤدي ذلك إلى التفكير المُستمِر في إنهاء حياته لعدم أهميتها.

الفرق بين الاكتئاب ونوبات الحزن

ينبغي الإشارة إلى أن الاكتئاب أحيانًا قد لا يكون ملحوظًا ممن حول الشخص المُكتئب ويحدث هذا غالبًا في الحالات المتوسطة والخفيفة حتى أن المريض نفسه قد يجد صعوبة في تمييز ما إذا كان هذا اكتئابًا أم مجرد نوبة حزن أخرى، لذا فمن المهم إبراز أهم الفوارق بين الاكتئاب والحزن.

  • يُعد الحزن ردة فعل طبيعية لتحديات الحياة المختلفة، فلا أحد يستطيع تجنُب خيبات الأمل والفُقدان والفشل والتي تترك الشخص شاعرًا بنوبات حَتمية من الحزن فيكون شعور الفرد يملؤه الإحباط واليأس والألم وشعور عام بالدونية، ولكن في النهاية نوبات الحزن لا تُصنف مرضًا وغالبًا ما تأخذ وقتها وتنتهي.
  • أما الاكتئاب فهو مرض واضطراب نفسي، وله العديد من الأسباب أيضًا ولكن يكمُن الفارق هنا في أن أسباب الاكتئاب غالبًا ما يجهلها الشخص المُكتئب، والاكتئاب قد يؤثر جُسمانيًا على المريض فيشعر بآلام مُتفرقة في الجسد ووخزات بلا تفسير، وفي الغالب يكون تفكير المريض في الانتحار أمر طبيعي ولكن في أسوء الأحوال وأشدها يأخُذ الشخص المُكتئب خُطوة حقيقية ويرتكب الانتحار، ويدوم الاكتئاب لأكثر من أسبوعين وأحيانًا يكون مُزمنًا، كما أنه لا ينتهي من تلقاء نفسه بل يجب الاستعانة بطبيب أو مُختص وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إلى دواء.

علاجه

وكغالبية الأمراض فإن الاكتئاب له طُرق علاج مُتنوعة والعديد من الأدوية والعقاقير ولكن اللجوء للأدوية غالبًا ما يكون أخر خيار في الحالات المُعتدلة والحادة، أما الحالات الطفيفة فلا ينبغي اللجوء فيها إلى الدواء نِهائيًا، ويتم العلاج عن طريق جلْسات العلاج النفسي بين الأشخاص أو العلاج الفردي مع طبيب مؤهل، كما يجب توخي الحذر أثناء العلاج بالأدوية وخاصةً مع المرضى في سن المُراهقة بل ويُستحسَن استبعاد العلاج بالدواء في هذا السن.
والجدير بالذكر أيضًا أنه على جميع المُحيطين بأي شخص يعاني من الاكتئاب فَهم أسبابه وأعراضه والعمل على مساعدة المُصاب من خلال حثه على تقبل العلاج من قِبَل شخص متخصص لأن المحاولات العادية كحثه على ممارسة الرياضة مثلًا أو الخروج مع الأصدقاء غالبًا لا تكون مُجدية، فكما لا تُجدي هذه المحاولات في علاج مرض السُكري تكون غير مُجدية أيضًا في علاج الاكتئاب.

اضف تعليق