مرض السيلياك..أسباب وأعراض وطرق التعايش

يُعد مرض السيلياك من الأمراض غير المُتعارَف عليها وسط عدد كبير من الناس والعديد منا لا يعرفه من الأساس وذلك ليس فقط لأنه لا يصيب عددًا كبيرًا من الأشخاص بل ولأن غالبية المرضى غالبًا لا يعرفون أنهم مصابون من الأساس إذ يعتقد الباحثون في هذا المرض أن حوالي 20% فقط من المصابين قد تم بالفعل تشخيصهم، والسبب في هذه النسبة الضئيلة يرجع إلى كَون أعراض السيلياك مُتداخِلة مع أعراض أمراض أخرى بل وقد تبدو للعديد منا مؤقتة ولا تستدعي القلق، ولأن مرض السيلياك مُرتبط كل الارتباط بمادة الجلوتين لذا فمن المهم في البداية معرفة ما هي مادة الجلوتين ومصادرها.

ما هي مادة الجلوتين

الجلوتين هو نوع من أنواع البروتينات الموجودة في عدد كبير من الأطعمة ومواد أخرى وتتكوَّن من عنصران فرعيان هما الغلوتينين (Glutenin) والغليادين (Gliadin) ومن الأطعمة التي تحتوي على مُركَب الجلوتين: القمح والشعير والبرغُل والسميد والحنطة والشوفان واللانشون والسوسيس والسجق بالإضافة إلى بعض المشروبات المُحلَّاة وهو أيضًا موجود في المعكرونة والبطاطس وغيرها من الأطعمة.

التعريف بمرض السيلياك

يُعد مرض السيلياك أو ما يُعرف بالداء البطني هو أحد أمراض المناعة والتي يهاجم فيها الجسم نفسه نتيجة تناول المريض أي طعام يحتوي على مادة الجلوتين، ولأن الأمعاء في هذه الحالة ليس لديها قابلية هضم مادة الجلوتين فإن الجهاز المناعي يبدأ في الاستجابة عن طريق مهاجمة الأمعاء الدقيقة (small intestine) ومع تكرار تلك العملية يحدث تلف لنتوءات الأمعاء الدقيقة (بطانة الأمعاء وهي المسؤولة عن امتصاص جميع المواد الغذائية في الجسم) ومع الوقت يصبح من الصعب على الجسم الاستفادة من العناصر والمواد الغذائية التي يتناولها المريض، والجدير بالذكر أيضًا أن السيلياك هو مرض وراثي ومن المحتمل أن ينتقل من أم لطفلها، لذا فمن المُهم إجراء الكشف المُبَكِر قبل الولادة وذلك للتأكد من عدم الإصابة بمرض السيلياك أو حساسية القمح أو أي حساسية أخرى في العموم وذلك للحفاظ على سلامة الطفل.

الفرق بين مرض السيلياك وحساسية القمح

على الرغم من أن حساسية القمح تحدث بتأثير المناعة أيضًا إلا أنه لا يُصنَّف كمرض مثل السيلياك ويكون رد فعل المناعة هجومي إذا تناول المريض الجلوتين الموجود في القمح وهنا يكمن الفرق بينهما حيث إن رد فعل المناعة يكون بسبب الجلوتين الموجود في القمح فقط وليس في باقي المأكولات كحال مرض السيلياك لذلك سُميت الحساسية بحساسية القمح وليس حساسية الجلوتين.

أعراض مرض السيلياك

تتفاوت أعراض السيلياك بين خفيفة ومعتدلة إلى حادة وفي بعض الأحيان قد تختلف الأعراض بين الأطفال والبالغين ولكن بوجهٍ عام هذه هي الأعراض الشائعة بين مرضى السيلياك:

  • فُقدان الوزن.
  • الغثيان والقيء والإسهال (من الأعراض الأكثر شيوعًا).
  •  فقر الدم وفُقدان الشهية.
  •  التعب الشديد والإرهاق.
  •  قد يتسبب في حدوث إجهاض وأحيانًا عُقم.
  • تقلصات المعدة والإنتفاخات.
  •  ألم المفاصل.

والجدير بالذكر أن في بعض الحالات قد لا تظهر الأعراض مع أول تناول للجلوتين وتظهر بعد أكثر من مرة بل وأحيانًا لا تظهر مُطلقًا على الرغم من أن التشخيص يثبت وجود إصابة بمرض السيلياك.

كيفية تشخيص مرض السيلياك

  1. يتم الفحص والتشخيص عن طريق:
    التاريخ العائلي والوراثي.
  2. تحليل الدم وعدد من الفحوصات المخبرية.
  3. الخزعة وهي أخذ جرعة من الأمعاء الدقيقة واختبارها وذلك لا يحدث إلا إذا كانت نتيجة تحليل الدم إيجابية.

طرق التعامل مع مرض السيلياك (التعايش)

إن مرض السيلياك يُعد من الأمراض التي ليس لها علاج حتى الآن والطريقة الوحيدة للتعايش مع هذا المرض هو إتباع نظام غذائي خالي تمامًا من الجلوتين لذا فعلى المريض المداومة على بعض النصائح حتى يتفادى أي مضاعفات وهي:

  1. الاهتمام بمكونات كافة المنتجات الغذائية التي يقوم بشرائها أيًا كانت وذلك لأن مادة الجلوتين ليست مُقتصِرة فقط على القمح والشعير وغيرها مما ذكرنا بل هي موجودة أيضًا في بعضٍ من الأدوية وفي المواد الحافظة الموجودة في المُعلَّبات بالإضافة إلى وجودها في منتجات غير غذائية كأحمر الشفاه وبعض معاجين الأسنان.
  2.  المريض ليس عليه الامتناع التام عن المعجنات بحكم أنها مكوَّنة من دقيق القمح، فقط عليه استبدال دقيق القمح بدقيق الذرة أو دقيق الأرز أو دقيق الصويا مثلًا.
  3.  الاتجاه إلى المخابز والمحال المُخصصة لبيع منتجات مرضى السيلياك وحساسية القمح وهي عبارة عن منتجات خالية تمامًا من الجلوتين.
  4.  الدخول في مجموعات مُخصصة لمرضى السيلياك وهي منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي إذ إن هناك عدد كبير من المجموعات التي يشارك بها المرضى تجاربهم الشخصية وتُقدَم بها النصائح والوصفات المنزلية لتحضير الطعام إلى جانب تقديم الدعم النفسي والمعنوي.
  5.  عند تناول أي طعام في مطعم يجب على المريض إخبار النادل أو الطبَّاخ بطبيعة الإصابة.
  6.  وأخيرًا يجب على مريض السيلياك الاهتمام بتفاصيل مرضه من خلال الطبيب والإنترنت وغيرها من المصادر وذلك لتجنب حدوث أي مضاعفات هو في غِنى عنها.

مضاعفات مرض السيلياك

إن مرض السيلياك كأي مرض إذا تُرك بلا علاج يؤدي ذلك في النهاية إلى حدوث عدد من المضاعفات، ولأن العلاج الوحيد للسيلياك هو الحمية الغذائية الخالية تمامًا من الجلوتين فإن إهمال المريض في إتباع تلك الحمية سيؤدي مع الوقت إلى:

  • سوء التغذية: وذلك نتيجة لتلف الأمعاء وخاصةً بِطانة الأمعاء مما يؤدي إلى ضعف قدرتها على امتصاص العناصر الغذائية في الأطعمة المختلفة مما سيؤدي بدوره إلى خسارة الوزن وحدوث فقر الدم وفي الأطفال قد يؤدي إلى ضعف النمو وقِصَر القامة.
  •  ضعف وهشاشة العظام: وذلك يحدث كنتيجة منطقية لسوء التغذية أيضًا حيث إن ضعف امتصاص الكالسيوم وفيتامين د يؤدي إلى ليونة وضعف العظام والذي ينتهي بالإصابة بهشاشة العظام.
  •  عدم تحمُّل اللاكتوز: (Lactose Intolerance) قد يؤدي السيلياك إلى ألم الأمعاء وحدوث إسهال بعد تناول أي منتج من منتجات الألبان الحاوية على اللاكتوز على الرغم من عدم احتوائها على مادة الجلوتين.
  •  زيادة فُرَص الإصابة بمرض السكري وسرطان الأمعاء والانهيار العصبي.

وفي النهاية وبعد أن أوضحنا أهم وأبرز النقاط المتعلقة بجوانب المرض علينا الإشارة إلى أن في حالة الإصابة بأحد الأعراض المذكورة أعلاه لأكثر من أسبوعين متتاليين يجب استشارة طبيب على وجه السرعة وإجراء كافة الفحوصات اللازمة للتأكد من الإصابة وذلك لتجنب حدوث أي مضاعفات أو مشاكل تراكمية.

اضف تعليق