التربية مسؤولية ومشاركة بين الأب والأم
نوران مصطفى
يولد الطفل ويبدأ حياته في استكشاف العالم من حوله من خلال شخصين، الأب والأم يلعبان دور شاشة العرض في هذا الوقت، فيقومان بنقل كل ما يريداه للطفل، ويبدأ وعيه بالتشكل شيئًا فشيئًا، ومع زيادة وعيه وإدراكه بما يحدث تتجلى في عينه شخصيات عائلته وهما الأب والأم، فهما الركيزة الأساسية لتكوين صفاته من خلال تصرفاتهم مع التكون الجيني، لذلك فتربية الطفل مسؤولية مشتركة ولا يجب أن تُلقى على عاتق شخص واحد فقط، فمن الضروري أن يتولى الأب والأم مسؤولية التربية سويًا حتى ينشأ طفل ذو شخصية قوية ومستقلة واعية.
الأم نبع العاطفة والأب نبع الحزم مقولة خاطئة في أسلوب التربية
من مفسدات التربية ترسيخ معنى أن الأم هي مصدر الحنان وإيجاد الحلول لكل المشكلات المستعصية، بينما الأب هو الحازم وصاحب الرفض في أغلب ما يطلبه الطفل، وهذا يجعل الأب في خانة واحدة فقط ألا وهي خانة الغاضب، في حين أن الأمر في الواقع مختلف تمامًا.
ويمكن تجنب هذه الحالة الوهمية ببعض التصرفات البسيطة ومنها اتفاق الأب والأم
من المنطقي أن يتفق الأب والأم على أسلوب التربية قبل التنفيذ، فالطفل في مراحل حياته الأولى يكون شديد الذكاء ويدرك تمام الإدراك كل ما يحدث حوله، لذلك فهو عادةً ما يلجأ لأمه عند طلب شيء، وحتى أنه يجعلها وسيط بينه وبين أبيه لإدراكه أن الوالد لا يرفض طلب الأم، وهذا ما يجعل الطفل -دون قصد- يميل لأمه أكثر ويرفض أن يشرك والده في أغلب ما يخصه لأنه -كما يعتقد منذ صغره- لا يهتم لهذه الأمور أو لأن هذه الأمور لا تخصه، على الرغم من أن الأب هو مصدر الأمان.
تعامل الأب مع الابنة يختلف عن الابن في التربية
من أكثر الأشياء التي تجعل الأب في مكانة غير مستحبة هي أسلوب تعامله مع الأبناء، بطريقته مع البنت يجب أن تكون من نابع الحنان وإظهار العاطفة، فهو الذي يشكل في نفس الابنة إطار لشكل الرجال عمومًا، وهو الذي يساعدها بهذه الطريقة في اختيار شريك لحياتها، فإن كانت طريقته تتمثل في الصداقة والعطف والتفهم، تنجح الابنه في اختيار الشريك الملائم بشخصيتها كما تربت، أما إن كان عكس ذلك، فهي قد تتعرض للخوف من فكرة الارتباط عامةً.
وبالنسبة للابن فالأمر يختلف، فالأب هنا هو الشخص الذي يسعى الابن إلى نيل رضاه أغلب الوقت، فهو أول نموذج يراه للرجل ويعمل على التشبه به، فعندما يعامل الأب من حوله باحترام وتقدير يدرك الطفل أهمية الأمر لنفسه، وتصبح علاقاته الاجتماعية في حالة أفضل، أما لو كان الأب العكس.. فهذا يعني أن الطفل سيكون حوله رفقة قليلة للغاية وربما يبقى دون رفقة.