مرض أم تمارض؟ تعرف على متلازمة مونشهاوزن

في عام 1752م قرر بارون ألماني الجنسية التقاعد، وانضم إلى مجموعة من أصدقائه في الخدمة العسكرية، وكعادة تجمعات المتقاعدين تكون قصص الذكريات وحكايات العمل هي البطل في كل مرة، وكان هذا البارون يجد متعة في سرد ما مر به في الحروب التي شارك فيها، لكن الملفت أن قصصه كانت تتسم بالغموض وقلة المنطقية، وحتى بعض أصدقائه لقبوه بالبارون الكاذب أو المضلل، البارون مونشهاوزن ضُرب به المثل في التضليل والكذب وكذلك مريض متلازمة مونشهاوزن والذي يريد جذب انتباه من حوله واهتمامهم بأي شكل -كما كان يفعل البارون بتزييف قصصه- ولكن المتلازمة أخطر من مجرد تزييف قصص.

متلازمة مونشهاوزن بين الأعراض الحقيقية والاشاعات

مونشهاوزن تعني تزييف المرض للشعور بحب واهتمام من حولك، وهذا ما يريده مريض مونشهاوزن بالتحديد، فهو لا يتمارض وإنما يكذب ويضلل كل من حوله من أهل وأقارب وحتى أطباء لإثبات صحة مرضه -الكاذب-، وعلى الرغم من أن لكل متلازمة أعراض معروفة وعامة، لكن الأمر مختلف في حالة متلازمة مونشهاوزن، فالمريض الذي يعاني منها لا تظهر عليه أعراض أي مرض وإنما يزيفه بوسائل عديدة كالشكوى المستمرة من آلام بالصدر أو الصداع أو إدعاء النزيف أو حتى ضعف النظر على فترات، والكثير من الناس بعدما يسمعون عن أعراضه يخلطون بينه وبين التمارض، في حين أن التمارض له أسباب محددة وفي بعض الأحيان منطقية لصاحبها وللغير فمثلًا عدم الرغبة في الذهاب للعمل أو الرغبة في التملص من مقابلة بعض الأشخاص من أسباب التمارض وليس المونشهاوزن.

من حكايات المونشهاوزن

قد سرد أحد الأطباء أزمة حدثت في المستشفى الذي يعمل به، حيث جاءت مرأة -واضحٌ من هيئتها وملابسها أنها ريفية قطعت مسافة طويلة- حاملة لطفل بين يديها وملابسه ملطخة بالدماء وهي تستغيث بنظراتها وكلماتها، فطفلها الصغير يتقيء دمًا منذ يومين، وفي هذه الحالة من الذعر قام الأطباء بعمل فحوصات للطفل من أشعة وتحاليل لكن صحة الطفل ممتازة، فلا خلل في أي شيء مما أثار ريبة الفريق الطبي، لكن الطفل مازال يتقيأ دمًا كل ليلة وتحمله الأم وهي تصرخ وتستغيث بهم، فأعادوا الفحوصات وظنوا أن الطفل مريض بنوع سرطان مجهول، حتى ظهرت لهم فكرة مرض الأم وليس الابن عندما قالها طبيب يكبرهم في السن، فوضعوا الاحتمال واتبعوا سلوك الأم، فوجدوا أنها تصرخ كلما كانت في الغرفة مع ابنها دون طبيب أو فرد من التمريض وبعد كل مرة يطمئنها الأطباء أن حالة ابنها بخير وليس مريضاً، كأنها تقول لهم ” لا يجب عليكم إهمالي لحالتي تستحق كامل الاهتمام طوال الوقت”، إلى أن تم اكتشاف أمرها حينما وجدوا كيسًا من الدم الموجود بالمستشفى مخبئًا في حقيبتها، فحولت الأم بعدها لمصلحة نفسية.

البارون مونشهاوزن
البارون مونشهاوزن

ثقافة المرض النفسي

المرضى النفسيون هم أصحاب الأمراض الغير مرئية، يصعب علينا تحديد ما إذا كان ما يشعرون به هو ما يقولونه أم لا، الأمر يحتاج لسنوات أخرى من البحث والدراسة، وحتى نصل لمرحلة اليقين من أعراض باقي الأمراض الفتاكة التي تقتل أصحابها دون أن نعي ذلك أو نشعر به، علينا المحاولة أن نحيا بسلام، أن نحمي أنفسنا من المخاطر قدر المستطاع، الأزمات تحدث والصدمات لن تتوقف لكن لابد من وجود منفذ هادئ للروح، كن منفذك الهادئ لنفسك واهتم بها جيدًا، حتى لا ينتهي بك الأمر دون أن تشعر وأنت مريض بمتلازمة مونشهاوزن.

اضف تعليق