الدراما التركية تختصر الزواج في حلم رومانسي يرفع نسب الطلاق (تقرير)
يكتنف أرجاء المشهد التليفزيوني عالم من الرومانسية الساحرة في ظل أماكن تتخطف الأنظار إليها فتبدو لنا البيئة التركية بكافة معانيها التي تشتهيها البيوت العربية بما تعج من ضغوط قد لا تتواجد في مثيلتها، وما بين هذا وذاك تطفو تحديات من نوع خاص تمس الحياة الأسرية واستقرارها.
الدراما فن يستقطب مختلفي الميول والأعمار، وبالنسبة للدراما التركية فباتت الشغل الشاغل لدى الكثير من الشعوب العربية، وخاصة لبنان.
بدأ بث المسلسلات التركية عام 2006، ولم تحظى بإقبال الجماهير في بداية الأمر، إلا إنها سرعان ما ارتفعت نسب المشاهدة لتحطم بذلك أرقام قياسية مقارنة بالدراما العربية.
وفي عام 2016 بلغت صادرات تركيا للدراما 350 مليون دولار.
وعلى الرغم من اختلاف اللغة بات الأمر يسير مع الدبلجة العربية، باللهجة السورية الفصيحة التي تصور لك ما تحمله المشاهد
من مشاعر وما يُخفى من أسرار.
ولم تقتصر متابعة تلك المسلسلات على الشاشات العربية بل إمتد غزوها لقنوات اليوتيوب لتناسب بذلك أوقات فراغ جميع
الفئات.
ووصل عدد المسلسلات التركية إلى ما يزيد عن 106 مسلسل، وأغلب هذه المسلسلات تتعدى 100 حلقة.
الدراما التركية ترفع نسب الطلاق
وتجد هذه المسلسلات متابعة كبيرة خاصة من المتزوجات اللائي يرونها حلم سرعان ما يبدده الواقع حينما يصطدم بإشكاليات الحياة، ومن هنا ارتفعت نسب الطلاق حتى بلغ الأمر إلى وجود 2.5 مليون مطلقة مصرية؛ لترتفع نسبة الطلاق من 7% إلى 40% في مصر، والتي بالطبع تختلف أسبابها إلا أن هذا النوع من المسلسلات ساهم بجزء لا يُستهان به.
وفي دراسة اجتماعية صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أوضحت النتائج أن هناك علاقة بين الدراما
وارتفاع معدلات الطلاق في مصر بصورة متزايدة.
ويأتي هذا التأثير من خلال إدمان الدراما وخاصة التركية الرومانسية التي أفصحت بما لا يدع للشك مدى التعطش العاطفي
لدي العرب الذي وجد أخيرا منفث له.
وأشارت الدراسة إلى أن المرأة تعقد مقارنة بين ما تراه من رومانسية في الدراما وبين سلوكيات وأفعال الزوج وتقودها هذه
المقارنة إلي وجود فجوة حقيقية تدعم إحساسها بالنقص؛ مما يجلها تنتفض إلى الطلاق وكأنه المنقذ الأول والوحيد لها من هذا النفق الذي آلمها من شدة ظلامه.
ما السر وراء الولع بالدراما التركية؟
بدأ هذا الولع بنجاح مسلسل نور والعشق الممنوع وحريم السلطان، ومن المعروف أن الدراما العربية وخاصة المصرية تتمركز حول
شخصية “سي السيد”، فيأتي مسلسل “نور” و”فاطمة” ليقلب الموازين بتقديم الرجل الرومانسي في وجوه وسيمة شابة تخطف الأنظار.
وبين “مهند” و”أمير” و”السلطان سليمان” بات الرجل العربي في تحدي حقيقي يُفرض عليه من قبل زوجته التي تتوسم أن تجد تلك الشخصيات فيه، وهو ما يحدث معها لحظة رؤية “هُيام” و”نور”.
وبالإضافة إلى كون هذه الدراما حققت المعادلة الصعبة للمرأة العربية التي ترغب في التحرر بالحفاظ على قيمها الأصلية وهو ما بدي واضحًا في البطلات.
البيئة الطبيعية والأثاث الحديث ساهم في جذب الانتباه لهذه المشاهد التليفزيونية بنسبة لا يستهان بها لما فيها من راحة للعين.
قد يهمك | أشهر الأفلام التركية الرومانسية التي عشقها الجمهور
ونتيجة لذلك أصبحت زيارة تركيا بمثابة حلم يراود العديد؛ لترتفع نسبة السياحة العربية لها 26% في عام 2016.
وتقدم تركيا دراما بالطعم الشرقي، يجد فيه الشرقيون انعكاسًا لعاداتهم وتقاليدهم؛ لتكسر بذلك الحاجز الثقافي والواقعي الذي وقف أمام الدراما الأمريكية والمكسيكية القوية المليئة بالعديد من المشاهد التي لا تلائم الأسرة العربية، ومن هنا أعطت شارة البدء للدراما التركيا بأن تتفوق عليها بتقديم مدى قوة الروابط الأسرية من خلال الاجتماعات الأهلية في المنزل والزواج الذي يتم في إطار شرعي متعارف عليه في المجتمعات الشرقية واللعب على الآلآت الموسيقية مثل العود والطقوس الدينية .
وتظل الدراما لها دور في تصحيح مفاهيم عديدة وفي تكوين قيم تُعين المجتمعات على التقدم وبالتأكيد صناعتنا المحلية بما
تحمله من “ليالي الحلمية” و”المال والبنون” و”الضوء الشارد” و”الليل وأخره” وغيرها من الأعمال التي أسرت القلوب قادرة
على التطوير والتجديد فوجود مثل هذه الدراما التركية بهذا النجاح هو إشارة لنا بإعادة تجديد القوة الناعمة لتفي برغبات مجتمعاتنا.