وقفة عرفات وخطبة الوداع.. أصل التسمية وفضل الصيام
مع اقتراب يوم عرفة واحتفال المسلمين بعيد الأضحى المبارك ازدادت التساؤلات حول سبب تسمية وقفة عرفات، ولهذا سنقدم أبرز أسباب التسمية وخطبة الوداع كاملة بالإضافة إلى فصل صيام عرفة والأعمال المستحبة أو الواجبة على المسلم في وقفة عرفات.
سبب تسمية وقفة عرفات ووقتها
- تعددت تفسيرات تسمية وقفة عرفات باسمها الحالي، ولكل سبب تفسيره من وجهة نظر مطلقه وسنعرض أبرز تلك الأسباب:
- نزول آدم وحواء من الجنة كان في مكانين مختلفين والتقيا عند جبل عرفات لذلك سُمي بعرفات.
- ورد أن جبريل عندما طاف بسيدنا إبراهيم عليه السلام وعلمه مناسك الحج في الجبل، ومع ترديد قوله “أعرفت”، ورد سيدنا إبراهيم “عرفت” ارتبط باسم جبل عرفات.
- تشير كلمة عرفة إلى المشعر الأقصى أحد مشاعر الحج، ويتم خارج حدود الحرم في جبل عرفات عندما يقف الحجاج بعد صلاة الظهر.
- يُعتقد تسميته بوقفة عرفات لأنه مأخوذ من العُرف أي الرائحة الزكية كما في الحقيقة بالرغم من رائحة الدم والذبائح.
- يبدأ وقت عرفة مع نزول شمس التاسع من ذي الحجة، وينتهي فجر يوم النحر أول أيام عيد الأضحى.
فضل صيام يوم عرفة
يعتبر صيام يوم عرفة سنة مؤكدة عن الرسول صل الله عليه وسلم، حيث روى أبو قتادة أن النبي صل الله عليه وسلم قال: “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ” أخرجه مسلم، وورد أيضًا: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة”.
يعتق فيه رقاب العباد من النار ويغفر لهم وفي ذلك قال رسول الله: “ما مِن يومٍ أَكْثرَ من أن يُعْتِقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ فيهِ، عبدًا أو أمةً منَ النَّارِ، مِن يومِ عرفةَ، وأنَّهُ ليَدنو، ثمَّ يُباهي بِهِمُ الملائِكَةَ”.
كذلك قال: “ما رُئِيَ الشَّيطانُ يَومًا هو فيه أصغَرُ، ولا أدحَرُ، ولا أحقَرُ، ولا أغيَظُ منه يَومَ عَرَفةَ، وما ذاك إلَّا لِمَا يَرى مِن تَنزُّلِ الرَّحمةِ، وتَجاوُزِ اللهِ عنِ الذُّنوبِ العِظامِ”.
أفضل أعمال يوم عرفة
- أداء الصلاة في وقتها من أكثر الأعمال فضلًا.
- الإكثار من السنن وكثرة السجود وقال عنها الرسول صل الله عليه وسلم: “عليك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك خطيئة”.
- الجهر بالتكبير مع رفع الصوت بعد الصلوات الخمس المفروضة، حيث يبدأ بعد صلاة فجر يوم عرفة أو في أي وقت منذ الأول من ذي الحجة.
- للصيام أجر عظيم حيث يكفر فيه ذنوب سنتين، وفيها قال صل الله عليه وسلم: “أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده”.
- قال صل الله عليه وسلم: “ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا”.
- الدعاء حيث قال رسول الله صل الله عليه وسلم: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”.
- المداومة على الأذكار، خاصة الباقيات الصالحات: “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر”.
- حفظ الحواس عن الحرام، وجاء فيها عن الرسول صل الله عليه وسلم: “يوم عرفة، هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له”.
- التسبيح والتحميد.
- التهليل والتكبير والاستغفار.
- الصلاة على النبي.
طالع أيضًا:
خطبة الوداع في وقفة عرفات
- ألقى الرسول صل الله عليه وسلم أشهر خطبه في حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة، وقال فيها مبشرًا: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا”.
- قال الرسول في خطبة الوداع: “الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله”.
- أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير، أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.
- أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت اللهم فأشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها.
- وإن ربا الجاهلية موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقضى الله أنه لا ربا، وإن أول ربا أبدأ به عمي العباس بن عبد المطلب.
- وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
- أما بعد أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحرقون من أعمالكم فاحذروه على دينكم.
- أيها الناس إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا ليوطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله.
- وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرض، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
- وصايا الرسول عن النساء في خطبة الوداع
- أما بعد أيها الناس إن لنسائكم عليكم حق ولكم عليهن حق، لكم أن لا يواطئن فرشهن غيركم، ولا يدخلن أحدًا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة.
- فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
- واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرًا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
- أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فلا ترجعن بعدى كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض.
- فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت اللهم فأشهد.
- أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى، ألا هل بلَّغت؟ اللهم فاشهد، قالوا نعم قال فليبلغ الشاهد الغائب.
- أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية، ولا يجوز وصية في أكثر من ثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر.
- من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل، والسلام عليكم.
مواضع ذكر وقفة عرفات في القرآن والسنة
- بسم الله الرحمن الرحيم “فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ”.
- “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.
- “الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”.
- “لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”.
- “الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.
- قال النبي صل الله عليه وسلم: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة” صححه الألباني.
- وورد في حديث عن الرسول: “ما من عمل أزكى عند الله -عز وجل- ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله -عز وجل- قال ولا الجهاد في سبيل الله -عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء” رواه الدارمي.