كليم الله.. قصة سيدنا موسى عليه السلام

نال نبي الله سيدنا موسى -عليه السلام- مكانة عظيمة فهو أحد أُولي العزم من الرُّسل وقد اختاره الله وفضّله على الناس في زمانه باختياره نبيًا.

وقت ولادة سيدنا موسى

وُلِد سيدنا موسى -عليه الصلاة والسلام- في سنةٍ يُقتَل فيها الذكور من بني إسرائيل وكان في ذلك الوقت فروعون ملك مصر الذي يأمر بقتلهم؛ إذ كان يقتل المواليد من الذكور في سنةٍ، ويتركهم أحياء في سنةٍ أخرى، وكان موسى قد وُلِد ولم يعلم أحد بولادته.

أمّه كانت كثيره من الخوف إلى أن تُلقي رضيعَها في اليمّ وذلك بعد جَعْله في تابوتٍ، وذلك بأَمرٍ من الله، مع طمئنته لها بأنّه سيُرجعه إليها سالمًا مُعافي وسار الماء بموسى -عليه السلام- إلى أن وصل إلى أيدي جواري قصر فرعون، فأخذنه إلى امرأة فرعون(آسية بنت مُزاحم)التي طلبت من زوجها فرعون أن يُبقيَ عليه معها؛ ليتّخذوه ولدًا لهم، فينفعهم حين كِبر سِنّهم، وكانت أمّه قد أرسلت أخته لتتبُّع أمره، وأثره، وكان قد رفض المُرضعات جميعهم فأرشدتهم أخته إلى أمّه؛ لتُرضعَه، وبذلك تحقّق وعد الله -سبحانه- لأمّ موسى بإرجاع ولدها إليها.

قتل القبطي

دخل سيدنا موسى -عليه السلام ذات يومٍ إلى المدينة في وقت خُلوّ الناس منها، وصادف رجلَين يقتتلان؛ أحدهما من القِبط، والآخر من بني إسرائيل، فطلب الذي من بني إسرائيل منه النُّصرة، فأجابه موسى وعلى الرغم من أنّ موسى -عليه السلام- لم يقصد قَتله، إلّا أنّ الوَكز صادفَ انتهاء أجله، فمات ووقع القَتل خطأً، فتوجّه موسى إلى ربّه بالتوبة والاعتراف بالذَّنب، وطلب المغفرة منه إذ كان القتل بسبب شدّة غضبه، وكان بإمكانه تمالك نفسه عند الغضب، فغفر الله له، ثمّ أصبح موسى -عليه الصلاة والسلام- نصيرًا وظهيرًا للحَقّ وأهله، إلّا أنّ خبر مَقتل القبطيّ على يد موسى لم ينتشر في المدينة؛ لأنّ القَتل وقع وقت الراحة.

هجرة سيدنا موسى إلى مدين

انطلق موسى -عليه السلام- من مِصْر متوجهًا إلي مَدْيَن، ونزل في مكانٍ اجتمع الناس فيه للسقاية، ورأى فتاتَين واقفتَين تنتظران سقاية أغنامهما، فأقبل عليهما موسى -عليه السلام-، واستفسر منهما عن سبب وقوفهما فأجابتاه بأنّهما تنتظران السقاية؛ إذ إنّ أبوهما شيخٌ كبيرٌ لا يقوى عليها؛ فسقى لهما موسى، وقضى حاجتهما، ثمّ توجّه إلى الله -تعالى- بالدعاء والطلب، بينما قصّت الفتاتان على والدَيهما ما حدث معهما، وطلب من إحديهما إحضار موسى لشُكره على فِعله، فطلبت منه المُضيّ معها، وكانت شديدة الحياء، فشكره الشيخ على صنيعه مع ابنتَيه، وكانت قد اقترحت إحداهما استئجار موسى -عليه السلام-؛ للسقاية، فعرض الشيخ على موسى أن يُزوّجه إحدى ابنتَيه مقابل العمل في السِّقاية مدّة ثمانية أعوام، وإن أراد زيادة سنَتَين من عنده، ففَعل موسى وقضى تلك المدّة كاملةً، ثمّ توجّه عائدًا إلى مصر.

بعثة موسى -عليه السلام-

رحل موسى -عليه السلام- إلى مصر مع أهله، وأخذ يبحث عن نارٍ ليلًا فلم يجد إلى أن رأى نارًا إلى جانب جبلٍ، فسار إليها وحده تاركًا أهله في موضعهم، ثمّ سَمِعَ صوتًا يُناديه حين وصوله إلى موضع النار، فكان الله -سبحانه- يُكلّمه إذ أخبره أنّه ربّ العالَمين، وأنّه اصطفاه؛ ليبلّغَ الناس ويدعوهم إلى توحيد الله ويخبرهم أنّ يوم القيامة واقعٌ لا محالة ليُجازى كلّ عبدٍ بما قدَّمَ في حياته، ثمّ سأله ربّه -عزّ وجلّ- عن العصا التي يُمسكها -وهو أعلم بها-، فأجابه -عليه السلام- بأنّه يعتمد عليها في رَعْي الغنم، وأمورٍ أخرى، فطلب منه -سبحانه- إلقاءها، فألقاها، فتحوّلت إلى حيّةٍ تسعى بأمرٍ وتقديرٍ من الله، ففزع موسى، إلّا أنّ الله طمأنَه وأخبره أنّه سيُرجعها كما كانت، ثمّ أمره الله -سبحانه- أن يُدخلَ يدَه في جَيْبِه، فأدخلها، فإذا بها تخرج بيضاء مُنيرةً، فأعادها إلى جبيه، فعادت إلى صِفتها الأولى، ثمّ أمره بالتوجُّه إلى فرعون مُبلِّغًا وداعيًا إيّاه إلى توحيد العبادة لله وحده، واتِّباع أوامره، فسأله موسى التيسير، وانشراح الصدر وأن يُعينه بإرسال أخيه هارون معه، فاستجاب له -سبحانه-، وبذلك كان موسى رسول الله ومُبلِّغَ أوامره إلى فرعون.

مواجهة سيدنا موسى لفرعون

وصل موسى إلى أرض مِصْر والتقى بأخيه هارون واتّجها إلى قَصْر فرعون الذي أَذِن لهما بالدخول وبدأ موسى يدعوه إلى توحيد الله، والخضوع له وحده، والتوقُّف عن ظُلم بني إسرائيل، وإرسال بني إسرائيل معهما، فرفض فرعون ذلك، واستخفّ بقَوْل موسى -عليه السلام-، واستصغرَه، وذكّرَه بتربيته ورعايته له وأنّه قابل ذلك بقَتْل القِبطيّ، فكان ردّ موسى عليه أنّ ذلك لم يكن عن قَصْدٍ، وبيّنَ له أنّه رسول الله إليه مع أخيه هارون، فسألهما عن ربّهما، فأجاباه أنّه الله مالك المُلك، وخالق كلّ شيءٍ، فاستخفّ فرعون بجوابهما، واستهان بما قالاه، والتفت إلى قومه؛ مُكذِّباً قَوْل موسى، ومُتَّهِماً إيّاه بالجنون، فكان ردّ موسى أنّ الله خالقُهم، وخالقُ آبائهم، وأظهرَ لهم المعجزات التي أيّده الله بها؛ لتكون دليلًا على صِدقه، فتعجّبَ فرعون ممّا رأى، وطلب رأي قومه ومشورتهم، فأخبروه أنّ موسى وهارون ساحران يريدان الاستحواذ على مُلكه، وإبعاده عن أرضه.

خروج موسى وبنو إسرائيل من مصر

أمرَ الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بالخروج من مِصْر ليلًا مع مَن آمن برسالته، فعلم بذلك فرعون، وغضب غضبًا شديدًا، فلحق به مع جنده من كلّ مكان ليمنعَهم من الهروب من مِصْر، وأدركوا موسى ومَن معه وكانوا قد وصلوا إلى البحر ففزع قوم موسى؛ لأنّهم غير قادرين على هزيمة فرعون وأعوانه، ولا يستطيعون الهرب عن طريق البحر إلّا أنّ موسى -عليه السلام- طمأنهم وذلك أنّ الله معهم، ولن يتركهم.

موت فرعون وشق البحر

أوحى الله إلى سيدنا موسى أن يضربَ بعصاه البحر فانقسم البحر وانفلق، حتى ظهرت يابسة يُحيط بها الماء من اليمين والشمال ثمّ أمره أن يترك البحر على حاله، ويمضي مع قومه، فمَضوا في طريقهم، وكان آل فرعون وراءهم يكادون يدركونهم، فاستكبر فرعون ومضى خلفهم مُستخِفًا بما ينتظره، فأغرقه الله ومَن معه جميعًا، ولم يُبقِ على أحدٍ منهم، وأنجى موسى وقومه.

سيدنا موسى والبقرة الصفراء

قُتِل في بني إسرائيل رجل غني لم يكن له ولد على يد قريب له بهدف الحصول على الميراث، ثمّ أتى القاتل إلى سيدنا موسى -عليه السلام- يخبره بموت قريبه، ويسأله أن يساعده في معرفة القاتل ليقتصَّ منه ولم يكن عند موسى -عليه السلام- عِلمٌ بشئ فجمع الناس وسألهم عن الأمر، فلم يكن أيّ أحدٍ منهم يعلم شيئًا فأوحى الله -تعالى- إليه أن يأمر القومَ بذَبح بقرةٍ لمعرفة القاتل، فاستغرب القوم، وأكثروا السؤال عن أوصافها، فبيَّن الله -تعالى- لهم أنّها بقرةٌ لا كبيرةٌ مُسِنّةٌ، ولا صغيرةٌ، بل مُتوسِّطة السنّ، ذات لون أصفر صافٍ لم تُتَّخَذ للعمل في الأرض أو السقاية، وهي خاليةٌ من العيوب، وليس في جسمها لونٌ آخر فوجدوها بعد طول عناء ولو أنّهم أطاعوا الأمر بذَبح بقرة، لايجزاهم ذلك إلّا أنّهم بتشديدهم على أنفسهم، شدَّد الله عليهم ثمّ ذبحوها، وضربوا الميّت بعظمها بأمرٍ من الله ففعلوا فأخبرهم الميّت عن قاتله وهو قريبه فأُخِذ وقُتِل لسوء عَمَله.

اضف تعليق