قصة سيدنا يوسف الصديق.. أفضل القصص التي ذكرت في تاريخ قصص الأنبياء
يوسف عليه السلام معروف بأنه نبي من الأنبياء، وقصة حياته منذ ولادته وحتى وفاته من أفضل القصص التي ذكرت في تاريخ قصص الأنبياء أجمع، فهي قصة ذات أحداث مميزة ميزه به الله عن غيره من الأنبياء من حيث المعجزات وصعاب الحياة، كما أن الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم في بداية سورة يوسف فقال جل وعلاه ﴿نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلينَ﴾، وفي هذا الموضوع نتناول قصة سيدنا يوسف الصديق عليه السلام.
قصة سيدنا يوسف الصديق عليه السلام
بدأت حكاية يوسف عليه السلام برؤيته في منامه 11 كوكبًا والشمس والقمر يسجدان له، ومن كثر حب أبيه يعقوب عليه السلام له وخوفه عليه، طلب من يوسف الطفل أن لا يخبر أحدًا عن هذه الرؤية، وخاصة إخوته، وكان إخوة يوسف يحقدون عليه لأنّ أباهم كان يحبّه أكثر منهم فعزموا على التخلّص منه بأن يرموه في قاع البئر.
طلب الإخوة في يوم من الأيام من أبيهم أن يأخذوا يوسف للعب معه في الصحراء وهم في داخلهم نية التخلص من يوسف ورميه في البئر، رفض الوالد في البداية من شدة خوفه على يوسف أن يأكله الذئب، ولكن واقف بعد إصرار وتعهد من الإخوة أنهم سيحمون يوسف من أي شر.
ذهب الإخوة صباحًا برفقة يوسف، ودارت محاولات للتفكير في كيفية التخلص من يوسف، فوصلوا لطريقة رميه في البئر، وعند عودتهم يخبروا أباهم في المساء، قالوا أن الذئب أكله، وأعطوه قميص يوسف الذي لطخوه بدماء كاذبة طالبين من أبيهم أن يسامحهم على فعلتهم ولكنه كان يعلم أنهم يكذبون، فاشتد حزن سيدنا يعقوب حتى أصاب بالعمى من شدة بكائه.
وأثناء مرور قافلة برية من المكان الذي يوجد به البئر الذي يحتوي يوسف، طلب أحد الأشخاص المارة أن يحضروا الماء من البئر، وعندما رفعوا البئر وجدوا طفلًا، ففرحوا وظنوا أنه سيجلب لهم مالًا عند بيعه في سوق العبيد في مصر، وبالفعل تم بيعه وشرائه من قبل أحد أشراف مصر.
وكان لهذا الرجل الذي يمسك منصب عزيز مصر زوجة صغيرة وجميلة اسمها زليخة وكانت تحاول جذب يوسف إليها بكافة الطرق ومع مرور الأيام يزداد شغف حبها به، وحاولت أن تجبره على الفاحشة لولا أن عصَمَهُ الله منها، وبعد أن انتشر خبر زوجة العزيز مع يوسف، خُير يوسف بين السجن والفاحشة، ولكن قال بأن السجن أحب إليه من اغضاب ربه.
رأى العزيز أن يضعه في السجن حتّى يسكت الألسنة، فدخل يوسف السجن ومعه رجلان في زنزانته، وفي أحد الأيام رأى الرجل الأول في منامه أنه يعصِر خمرًا، أما الثاني فرأى الطّير تأكل خبزًا من فوق رأسه. وطلبوا من يوسف تفسير ما رأوا لِما وجدوا فيه من العلم والحكمة.
قال يوسف للرّجل الأوّل: إنه سيصبح ساقي الخمر للملك، وقال للرجل الثاني: إنه سيُصلّب وتأكل الطيور من رأسه، وطلب يوسف بعدها من الرجل الأول أن يخبر الملك بظلامته بعد أن يخرج، وفي أحد الأيام رأى الملك في منامه رؤيا أفزعته فجمع لأجل تفسيرها كبار المنجّمين من قومه، وأخبرهم أنه رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات عجاف. وسبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات، ولكن عجز المنجّمون عن تفسير الرؤيا وكان ساقي الملك يشاهد كل ماحدث بعد تحقق رؤيته، فتذكّر يوسف في السجن وأنه قادر على تفسير الأحلام فأخبر الملك بذلك.
فأرسله الملك إلى يوسف، ليفسر له هذه الرؤيا، ففسّرها وقال له: إنكم تزرعون سبع سنين يكون فيها الخير كثيرًا فما تحصدونه فاتركوه في سُنبله إلا مما تأكلون، ثم يأتي بعد ذلك سبع سنين شديدة يقلّ فيها الخير ثم يأتي عام يعود فيه الخير والبركة.
عاد الساقي إلى الملك ليخبره بتفسير الرؤيا، فأُعجِب الملك بيوسف وطلب التحقيق في قضيته التي سجن من أجلها، وتبين أنه مظلوم، وعَفَا عنهُ بعد أن ظهرت براءته ووضعه مشرفًا لبيت المال.
وجاءت سنوات القحط والجدب التي قال عنها يوسف وجاء الناس إلى مصر ليشتروا الحبوب، وكان إخوته من بينهم. فلمّا رآهم يوسف بعد أن أصبح عزيز مصر، عرفهم وبعد أن أعطاهم مايطلبون قال لهم: في المرة القادمة أحضروا لي معكم أخًا لكم من أبيكم وإلا لن تحصلوا على الحبوب
أخبر الأولاد والدهم برغبة عزيز مصر برؤية أخٍ لهم وإلا لن يحصلوا على الحبوب، فسمح لهم أن يأخذوا أخاهم معهم بعد أن أخذ منهم عهدًا بالمحافظة عليه، وأحضر الإخوة اخاهم الصغير معهم في المرة الثانية عند ذهابهم إلى مصر، فقام يوسف بوضع صِوَاع الملك في حوائج أخيه الصغير خفيةً، وقال أحد الحراس أن صِوَاع الملك قد سُرق، فلمّا بحثوا عنه وجدوه مع الأخ الأصغر كما خطط يوسف لذلك.
فكانت الطامة للإخوة، ووجدوا أنفسهم في ورطة وحاولوا إستعطاف يوسف بأن يأخذ أحدهم بدلًا عن أخيهم الصغير، ولكنّه رفض أن يأخذ غيره، فعاد الأولاد ليخبروا أباهم بكل ماحصل، فطلب منهم العودة والبحث عن اخيهم الصغير وعن يوسف أيضًا فهو لم ييأس من البحث عنه.
وعندما عادوا إليه ورأى سوء حالهم، أخبرهم أنه هو أخاهم يوسف الذي رموا به في البئر عندما كان صغيرًا، فاعترفوا بأنهم مذنبون تجاهه وأنهم ظلموه وطلبوا من يوسف أن يسامحهم، فما كان منه إلا أن عفا عنهم، وسألهم عن أبيه، فأخبروه بسوء حاله، وفقدانه لبصره.
فأعطاهم قميصه وقال لهم ضعوه على وجه أبي وسيعود إليه بصره، وتعالوا أنتم وأهلكم إليّ أجمعين، وأثناء اقترابهم من القرية التي بها يعقوب، بدأ يعقوب يشم رائحة يوسف من بعيد وأخذ يجن جنونه، وكانوا الناس متعجبين منه وظنوا أنه قد أصابه الخرف، وحين عاد الإخوة إلى والدهم ألقوا القميص الي يملك رائحة يوسف على وجه سيدنا يعقوب عليه السلام فعاد إليه بصره، وامتثلوا لأوامر يوسف بأن يأتوا إلى مصر، فحمل يعقوب أهله وبنيه وارتحل إلى مصر.
واجتمع شمل الأسرة بعد تشتت وضياع وحزن دام لسنوات عديدة كانت مليئة بالأمل والظن الحسن في الله، وخرّ الإخوة والأب والخالة يسجدون ليوسف، فقال سيدنا يوسف عليه السلام لأبيه: هذا تأويل رؤياي التي رأيتها عندما كنت صغيرًا، وعندها أقامت عشيرة يوسف معه في مصر كأسرة واحدة، بدون حقد، بدون غل ولكن يتخللهم الحب والمودة والظن الجميل.