الحب في زمن الكورونا (تقرير)

الحب في زمن الكورونا

منة هاني 


يعيش العالم حالة من التخبط في المشاعر، بسبب أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، والذي أودى بحياة أكثر من 165 ألف شخص، وحتى الآن لم يتم الكشف عن علاج لذلك الفيروس.


وفي ظل تخبط المشاعر، يحتاج الشخص إلى الحب للتهوين على المخاوف، ولكن الكثير من المحبين يعانون من صعوبة اللقاء، وتأثرت علاقتهم بالإجراءات الإحترازية لمواجهة انتشار الفيروس.


الحب في زمن الكورونا



ومع حلول شهر رمضان وعيد الفطر تتوقف الخطط والنوايا لديهم للمقابلات، ويشتاق كل منهما للطرف الأخر ويود أن يراه، ولكن منع الفيروس مقابلاتهم، مما يصيبهم بخيبة أمل، ويجعلهم ينتظرون انتهاء هذه الأزمة بفارغ الصبر من أجل رؤية بعضهما البعض.


ومع متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، ورصد ردود الأفعال التي تعكس حال العلاقات الإنسانية كافة، تمنى البعض لو أنه قام باعتناق أصدقائه المقربين، قبل ظهور هذا الفيروس، ودعى الكثيرون لاستغلال هذه الأزمة الحالية في التفكير، والتأمل، ومراقبة مشاعرنا تجاه الطرف الثاني، وتحديد الكثير من الخطط والبرامج التي يمكنهم القيام بها معا بمجرد زوال هذه الأزمة.

الخوف من انتهاء العلاقات بسبب كورونا

يشعر المتحابين بمشاعر اشتياق للحبيب، أو للطرف الثاني، وهذا مما يجعلهم يخافون من أن تنتهي العديد من العلاقات مع مرور المزيد من الوقت بدون لقاء، وذلك بسبب الملل أو الانطفاء تجاه الأخر.

الخوف من انتهاء العلاقات بسبب كورونا

أستاذة علم الاجتماع تحسم الجدل

وهنا توضح الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن تأثير العزلة الاجتماعية المفروضة على العلاقات العاطفية يتوقف بالأساس على طبيعة شخصية الطرفين، وقوة المشاعر بينهما.


وتفرض الأيام الحالية مسافات اجتماعية على الجميع، تأتي بسبب الخوف من الإصابة بالفيروس، إلا أن ذلك الخوف قد يكون له أثر إيجابي على العلاقات العاطفية، حيث إن الخوف على الآخر ربما يؤدي لعلاقة قوية.


أستاذة علم الاجتماع سامية خضر

الحب “الأونلاين”

توفر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة حاليا المساحة الرئيسية، والوحيدة تقريبا القادرة على استمرار العلاقات العاطفية، في ظل انتشار كورونا حول العالم، حيث يستطيعان كلا الطرفين الاطمئنان، وإخبار الطرف الأخر ما يودن، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الحالية ارتفاعا ملحوظا في عدد مستخدميها.


الحب الاون لاين

تأجيل الأفراح لبعد الأزمة

ظهرت الكثير من ردود الفعل لبعض الفتيات الساخطين على الأحداث والأزمة وكل ماحدث؛ بتأجيل حفل الخطوبة أو الزفاف، مؤكدين أن عقب انتهاء الأزمة سيصبحن أجمل العرائس ويحتفلن بهده المناسبة السعيدة، وأنهن لن يتنازلن عن دعوة العائلة بأكملها، مما جبرهن إلى التأجيل.


تأجيل الأفراح لبعد الأزمة

الرومانسية في زمن كورونا

أظهر فيروس كورونا بعض اللحظات الرومانسية التي لا يمكن تجاهلها، فانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العالمية صورة لممرضة صينية تقبل خطيبها من خلف حاجز زجاجي؛ خوفا من انتشار الفيروس.

ممرضة صين ة تقبل خطيبها من خلف حاجز زجاجي

لكن بعد أكثر من شهر من المعاناة انتصرت قصة الحب على كورونا وعقد الثنائي قرانهما الصيني، فتزوجت الممرضة “تشين بينج” من خطيبها بعد تعليق زواجهما لمدة 36 يوما.


تزوج الممرضة "تشين بينج" من خطيبها


وفضلت “تشين” مساعدة المرضى، والأشخاص المصابين بكورونا، وبسبب ارتدائها الأقنعة، والنظارات الواقية لفترة طويلة كان وجهها مخدوشا بشدة، بحسب موقع “bjd”.


خدوش الأقنعة بوجه الممرضة تشين بينج

ببدلة عزل وكمامة وجوانتي طلب يد حبيبته

لم يستسلم شاب للقيود التي فرضتها كورونا بشكل كبير على دول العالم، وقام بتسلق شرفة حبيبته مبتكرا طريقة جديدة تتناسب مع الإجراءات الوقائية اللازمة لعدم نقل الفيروس، حيث ارتدى بدلة عزل وكمامة وجوانتي وأراد أن يطلب يد حبيبته في زمن الكورونا، رافضا أن يؤجل خطوبته حتى تمر الأزمة وينتهي الوباء فصعد إلى الشرفة، وتداولت هذه المشاهد التي وثقتها كاميرا أحد أقارب الفتاة في العديد من مواقع التواصل الاجتماعي.


شاب يتسلق إلى شرفة حبيبته ببدلة العزل لطلب يدها

استبدال المعازيم بأشكال كرتونية وإتمام الفرح

يعد من ضمن أغرب المواقف التي ظهرت في زمن الكورونا، رفض الزوجان تأجيل حفل زواجهما بسبب انتشار فيروس كورونا كما ذكر موقع جريدة “التايم” الأمريكية، وتبرعت شركة تغليف بأكثر من 100 قطعة من الكرتون المقوى على المقاعد بدلا من الأصدقاء والعائلة الذين لم يتمكنوا من حضور حفل الزفاف؛ لتخفيف الأثر النفسي لعدم وجود أحد في الحفل بالكنيسة.


عروسان يستبدلان المعازيم بأشكال كرتونية

استبدال الفرح بحقائب لمساعدة المحتاجين في الأزمة

ظهرت هذه الحالة الاستثنائية الإنسانية التي حازت على إعجاب الملايين، وهي قيام العروسين بالاستغناء عن الفرح وذلك بسبب منع التجمعات ضمن قرارات الحكومة وتوزيع حقائب تحتوى على مواد غذائية لمساعدة المتقاعدين في هذه الأزمة.


استبدال الفرح بحقائب لمساعدة المحتاجين في الأزمة

فشل كورونا في إيقاف احتفالات الزفاف

يوجد حالات أخرى لم تؤثر كورونا عليهم، حيث لجأ العديد من الأشخاص إلى ارتداء الكمامات كنوع من الوقاية في حفلات الزفاف، حيث انتشرت صورة في فلسطين لعريس وعروسة في جلسة تصويرهما في الإستوديو يرتديان أقنعة الوجه والقفازات، وعادة يميل العرب إلى دعوة عددا هائلا من الأشخاص لمشاركة فرحة الثنائي الجدد.


جلسة تصوير لعروسان بالأقنعة في فلسطين

مجهودات كنيسة التوحيد بكورويا الجنوبية

تساعد هذه المجهودات الفريدة التي لم تظهر قبل ذلك على السلام والتوحيد العالمي، حيث شارك الآلاف في حفل زفاف جماعي أقامه اتحاد الأسرة بالكنيسة.


حفل زفاف جماعي بكنيسة التوحيد في كوريا الجنوبية

أطباء صينيون يودعون زوجتهم قبل السفر إلى مقاطعة ووهان

وفي لفتة مشرفة، اتخذ الطبيب الصيني “جون” قرارًا بالتضحية من أجل المشاركة في عملية إنقاذ ضحايا فيروس كورونا في مقاطعة ووهان.


طبيب يتناول إفطاره الأخير مع زوجته قبل الذهاب لووهان



لكنه لم يكن وحيدًا، فودع الطبيب الصيني “ليو” زوجته بتناول وجبة الإفطار الأخيرة معها في المنزل قبل الانتقال إلى ووهان أيضًا، وبصفته كبير الأطباء في المستشفى الأول التابع لجامعة “شيان جياوتونج”، ويتمتع بسنوات من الخبرة، أوضح لـ”SCMP”، أنه كان خائفًا في البداية، كما هو الحال مع معظمهم، نظرًا لعدم معرفة الكثير عن الفيروس، لكن الآن تم اكتشاف المزيد من المعلومات حول الفيروس، أصبح بمقدور الأطباء معالجته وفقًا لذلك، ومن خلال فهم أفضل للفيروس وأعماله الداخلية، يمكن للطاقم الطبي معالجته مباشرة.

طبيب يودع زوجته قبل الذهاب لووهان

عاشا سويا فمرضا سويا

كانت “سافينتسيفا” تعمل في الصين كصحفية فنية وكان “بارفينوفيتش” يدرس هناك، وسرعان ما تبادل الاثنان الحديث، واكتشفا حبا مشتركا للموسيقى والتكنولوجيا بالإضافة إلى الكيمياء.


وظهر على الاثنان أعراض الإصابة بالفيروس، ولم يدركا من الذي نقله للأخر لكنهما سرعان ما احتجزا في الحجر الصحي، ولم يمانع أطباء الحجر الصحي مواعدتهما وتقابلهما، لكن بسبب عزل “سافينتسيفا” نتيجة مرض أخر، لم يتمكن “بارفينوفيتش” من رؤيتها في الأيام الأخيرة، وأثبتت نتائج الفحوص الطبية عدم معاناتها من فيروس “كورونا”.


ويقول “بارفينوفيتش” إنه إذا خرج من الحجر الصحي يخطط للبقاء في “تيومين”، واستكشاف المدينة مع حبيبته، فقصة حبهما تتوج حيث عاشا سويا، ومرضا سويا، فحياتهما لا تخلو من الوفاء والإخلاص لقصتهما ليسطران قصة النهاية من داخل الحجر الطبي، على أمل أن يشفينان ويعاودن للحياة من جديد.


عاشا سويا فمرضا سويا

وصية ضحية الكورونا عبر مواقع التواصل الاجتماعي

لحظات الفراق، وتبادل النظرات، لم تهدأ من لدغات هذا الفيروس، الذي يلتئم أجساد الأشخاص، محتلا خلايا جسده، ساكنا جوفه، مصمما أنه لن يترك صاحبه إلا وملك الموت أمام عينه.


عبر الجدران الإلكترونية لحسابها على “فيس بوك”، دونت وصيتها الأخيرة لأهلها وأصدقائها ومتابعيها، قبل 22 يوما من مفارقتها الحياة على إثر إصابتها بفيروس كورونا المستجد. 


في الأيام الأخيرة من مارس الماضي، شعرت “فاطمة” بأعراض تشبه النزلة الشعبية، فأخبرت زوجها وقررا سويًا التوجه إلى الطبيب في مدينتهما دمياط، لإجراء فحص الأشعة، خوفًا من انتشار فيروس “كورونا” المستجد، لم تدرك أنها أصبحت بين المصابين بالفيروس، وهي في أشهر حملها، لكنها وجدت زوجها إلى جوارها يشد من أزرها ويوصيها بالعلاج في مستشفى العزل بالإسماعيلية، والالتزام بنصائح الأطباء.


فاطمة ضحية فيروس كورونا



لم يمر الكثير، وساءت حالة السيدة الثلاثينية التي دخلت العناية المركزة، فوجدت آلاف الأشخاص يدعون لها وينظمون حملات استغفار جماعي، بعد أن ناشد زوجها رواد مواقع التواصل الدعاء لها، وأصيب الزوج بهذا الفيروس أيضا وأثناء نقله من مقر الحجر في العجمي إلى حجر أبي قير.


تلقى الزوج خبر وفاتها، بعد يومين فقط من وفاة طفلتهما الرضيعة التي وضعت قبل أسبوع، وتركت الأسرة رسالة من الزوج ووصية من الزوجة أثارتا أحزان من تابع قصتهما.


كتبت سيدة دمياط “فاطمة” في مارس الماضي “الوصية الأولى والأخيرة” قائلة: “حين أتوفى سامحوني وأستروا عيوبي، وأدعو لي بالرحمة وتذكروا الصحبة ولو أني أخطأت، وأنسوا خطأي وأذكروا أجمل صفاتي”.


وصية فاطمة قبل وفاتها



وأضافت: “لا أعلم بأي ساعة كتب لي انقباض روحي، بجناتك اللهم أرحمني يوم يصلون علي صلاة لا ركوع لها”.


أما الزوج فكتب بعد رحيل شريكته في أول تعليق على موتها، قائلا: “سبحان الله ينزل قرار النهاردة بنقلي من الحجر في العجمي للحجر في أبو قير وبمجرد دخول عربات الإسعاف للاستعداد لنقلي بعيدًا عنها، يأتيني خبر وفاتها في نفس اللحظة، وكأنها ظلت إلى جواري ورحلت عندما أذن الله لي بالرحيل عنها”، وأضاف الزوج: “اللهم إني حرمت السير في جنازتها وحرمت زيارتها في مرضها وحرمت صلاة الجنازة عليها اللهم سخر لها عبادًا من لدنك يصلون عليها صلاة الغائب حتى تضج السموات بدعائهم”.

قد يعجبك ايضا
اضف تعليق