تاريخ بلاد النوبة وعاداتها وتقاليدها الموجودة حتى اليوم
ريهام عماد
النوبة قديمًا
ترجع تسميتها إلى قبائل النوبادي الذين استقروا فيها منذ القرن الرابع الميلادي فتعتبر بلاد النوبة صاحبة أصل عريق، تشمل بلاد النوبة منطقة شمال السودان وجنوب مصر، عاصرت بلاد النوبة حضارات مصر العريقة وكانت موطن لبعض الحضارات الإفريقية القديمة منها: حضارة كوش، وحضارة كرمة، وقامت فيها ثلاث ممالك نوبية مسيحية كبيرة إلى أن قامت مكانها سلطنة سنار بعد سقوطها عام 1504م.
كانت منقسمة إلى منطقتين رئيسيتين: النوبة العليا والنوبة السفلي، وتشمل النوبة السفلي منطقة جنوب مصر الحديثة وشمال السودان أي تقع بين (الشلال الأول والثاني)، وتشمل النوبة العليا منطقة شمال ووسط السودان الحديث أي تقع بين (الشلال الثاني والسادس)، ولكن فيما بعد تم اقتصار اسم النوبة على منطقة شمال السودان وجنوب مصر فقط دون منطقة وسط السودان.
سكان النوبة
يمتاز سكان النوبة منذ القدم بقدرتهم على الزراعة، وساعدهم على هذا قربهم من حوض النيل وتربتهم الغنية، فكانت أراضيها دائمة الخضار والنضارة، ووفقًا للأبحاث التي أُجريت والتي تؤكد أن بعض جميع الملوك الفراعنة لمصر كانوا ذوي بشرة سمراء وبملامح زنجية، فمنهم النوبيين ومنهم السودانيين، ويرجع أصلهم إلى حام ابن نوح عليه السلام ويعتبر جدهم الأوحد، وكان أهل النوبة من أكثر الشعوب تدينًا؛ لاعتقادهم بالحياة الآخرة فكانوا يكرسون حياتهم استعدادًا لاستقبال الموت.
يتحدث سكان النوبة اللغة النوبية المنقسمة إلى قسمين هما: الكنزية والفادجية ولها خمس لهجات أو أكثر في مناطق مختلفة بين مصر والسودان، فالفادجية والكنوز في مصر، وحلفا، دلقو، السكوت في السودان.
ولكن السكان الحاليين يتحدثون اللغة العربية بطلاقة، إلى جانب إجادتهم للغات الأجنبية لكثرة اختلاطهم بالسياح، ويتم الاحتفاظ باللغة النوبية القديمة في ما لا يقل عن 100 صفحة في الوثائق التاريخية، ويغلب على معظمها الطابع الديني المسيحي.
عادات وتقاليد النوبة
نظرًا لعراقة تاريخ النوبة وتعددها الحضاري، فشهدت تعدد في مظاهر حياتهم سواء في الملابس، الأثاث، الفنون، العادات، الأعراف الاجتماعية وغير ذلك ويتضح ذلك في:
المباني السكنية:
تتكون معظم البيوت في النوبة من (المدخل -الحوش السماوي – غرف النوم (القباوي) – المخزن – المطبخ (الديوكة) – المرحاض – المزيرة)، وتمتاز البيوت بتعدد ألوانها المبهجة، وتكون الأسطح على شكل نصف دائرة.
الرقص والغناء (الفنون):
يعتبر الرقص في النوبة رقص جماعي يشترك فيه الرجال والنساء من كل الأعمار، وتكون معظمها احتفالًا بموسم الزراعة والحصاد أو الزواج، ومن أشهر الرقصات النوبية رقصة الأراجيد.
الزواج وإنجاب الأطفال:
•في النوبة يكون رأي الأقارب في مسألة الزواج أساسي وواجب، فهو ليس من شأن الوالدين فقط بل يجب أن يحظي برضا باقي أفراد العائلة كالعم والخال مثلًا.
•يكثر هناك الزواج من داخل أفراد العائلة، فيتزوج الابن من ابنة عمه وهكذا، فهنا يكون مهر العروس أقل عما لو تزوجت من خارج أفراد العائلة، ويحرص النوبيون على تقديم الهدايا والنقوط للعروسين؛ تعبيرًا منهم على الود والحب.
•تنفرد النوبة بتقليد خاص بها عن باقي المدن، فيتعين على العروسين أن يهبطا إلى النيل ويغتسلا بمياهه؛ استبشارًا به في جلب الخير والبركة، فيعتبر النيل جزء مهم من ثقافة بلاد النوبة وشئ مقدس عند النوبيين.
•عندما يرزق الأبوان بطفل ذكر، تُذبح له ذبيحة وتُتلى الآيات القرآنية، أما إذا كانت المولودة أنثى فيكتفي حفل السبوع على دعوة الأصدقاء ويذهبون بصحبة الوالدين إلى شاطئ النيل وهناك يعطى للبنت اسمها.
•كانت النوبة قديمًا منغلقة على نفسها وتعيش في عزلة اجتماعية، فكان يقتصر الزواج من داخل الأسرة فقط، وبعد ذلك أصبح من داخل القبيلة، فمثلًا لا يجوز أن تتجوز نوبية من ( الكنوز) من نوبي من (الفادجية)، فتلك العادات والتقاليد هي سبب في انتشار العنوسة لبنات النوبة في الفترة الأخيرة،
ويتراوح سن الزواج في النوبة بالنسبة للذكر ما بين سن 18 و22 سنة، أما الفتاة فيتراوح ما بين 15و 20 سنة.
•بالنسبة لحالات الطلاق في النوبة فتقل أو بالكاد تحدث، فالنوبيون يقدسون الحياة الزوجية وهذا جزء من عاداتهم وتقاليدهم، ولا يحدث الطلاق إلا في حالات معينة؛ كاليأس من عدم الانجاب.
الفنون
•يعتبر الفن جزء من ثقافة النوبيين، ويظهر ذلك في النقوش التي ترسم على جدران منازلهم، والأثاث ومشغولات الخرز والسعف، والخوص من أطباق وحصير وسلال، وتعكس دلالاتها معتقدات شعبية وسحرية لتلك البلد.