المثلية الجنسية بين الجريمة والحرية وموقف الأديان الثلاثة (تقرير)

يفرز لنا العالم كل ليلة جماعات جديدة ذو اتجاهات مغايرة، لها من المبادئ ما يتخالف مع الأكثرية، فتتأتي المثلية الجنسية كإحدى هذه الجماعات التي يؤيدها الكثير ويعارضها الأكثر.

المثليون “الشاواذ جنسيا” هم أشخاص الـ “جي بي تي” أو “مجتمع الميم” أو “اللوط والسحاقية”، جميعها ألفاظ تشير إلى المثلية بكل معانيها، التي باتت تقتحم حياة الكثير من الشعوب دونما أي استئذان.

يوضح الكاتب “نبيل فياض” أن نسبة المثلية في تونس فاقت كل التوقعات حيث وصلت النسبة إلي 20%، بينما تصدرت بيروت القائمة.

وحسب التصنيفات الجنسية لدي البشر نجد أن من ينجذب للجنس الأخر يُدعى “مغاير أو سوي”، ومن ينجذب لمن هم من نفس
جنسه يُسمى “مثلي”، ومن ينجذب للجنسين يُسمى “مزدوج الميول الجنسية”، والذي لا يميل لأي جنس يُطلق عليه “لا جنسي”.

المثلية قديمة وليست مرض

كلمة “المثلي” جاءت من “المثل” أي الذي يميل وينجذب عاطفيًا ونفسيًا وجنسيًا إلى من هم من ذات الجنس، فالرجل يطلق عليه مصطلح “لوط” أي يميل للرجل،  أما الأنثى فتأخد لفظ “السحاقية” أي تميل للأنثى.

في 17 مايو/ أيار من عام 1990، أعلنت منظمة الصحة العالمية حذف المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية، لتنهي بذلك أكثر من قرن من الزمان تم فيه اعتبارها حالة مرضية.

أُعتبر هذا اليوم باليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية، وفيه يخرجون بعلمهم الخاص المكون من ألوان قوس قزح في مظاهرات.

تكشف لنا صفحات التاريخ أن هذه الظاهرة قديمة قدم المجتمعات الإنسانية، فقد كانت تنتشر في بلاد الرافدين ووادي النيل والصين، بل أن أشهر شعب مارس هذه الظاهرة هم قوم لوط.

كيف تتشكل المثلية؟

يستند الكثير إلي أن المثلية متأصلة في جينات المثلي ومن ثم فإنها ليست خيار .

الإهمال الأسري يلعب دور لا يُستهان به فقد أثبتت إحدي الدراسات أن غياب الأب والأم يعمل على اتجاه الأبناء إلى المثلية
بنسبة تزيد عن 20%، ولكي ينشأ الطفل سويًا من الناحية النفسية والجنسية لابد أن يتوحد مع والده من نفس جنسه، فالابن مع الوالد والابنة مع الوالدة وحين لم يحدث ذلك يُصاب الطفل بانفصال نفسي ويعجز عن تكوين هويته الجنسية.

وأظهرت الدراسات أن الشواذ جنسيًا كان لديهم في الغالب أصدقاء قليلون من نفس جنسهم وكان يتم رفضهم من المجموعات الكبيرة من نفس جنسهم.

بل إن الاعتداء الجسدي من أكثر العوامل التي تخلق لنا مثليين وهذا ما أكدته لنا دراسة توصلت إلي أن 80% من الرجال المثليين الذين شملتهم الدراسة تعرضوا إلى انتهاك جسدي علي يد شخص بالغ قبل وصولهم لسن العاشرة.

أضرار المثلية

تتمثل أخطر أضرارها في إحداث الانقراض البشري على المدي الطويل.

كما أنها تسبب عدة أمراض مثل : انتشار الفيروس الحليمي البشري ومضاعفاته، انتشار الفيروس الكبدي، وانتشار الإيدز.

كما أن هناك حالة من الصراع الداخلي وعدم القبول الاجتماعي الخارجي يحياها المثليون، وكل ذلك يساهم في تطبيع شخصية المثلي بالاضطراب وضعف الثقة بالنفس وخلق طائفة تشعر بعدم الانسجام في المجتمع.

هل المثلية على صواب؟

“لم نكتشف الجين المسئول عن التوجّه الجنسي، بل نعتقد أنه ليس موجودًا أصلًا”، هذا ما صرح به “دين هامر” عالم الوراثة الأمريكي الشهير ومؤيد للمثلية الجنسية الذي يعتقد بأن أي محاولة لإثبات وجود جين واحد يحكم المثلية الجنسية هي محاولة عبثية.

وفي دراسة لفحص الحمض النووي لـ 400 ذكر من المثليين الجنسيين بجامعة “نورث ويستيرن” الأميركية، لم يتوصل أحد الباحثين من العثور علي جين واحد له الدور في مثليتهم.

وأوضح الأخوان “نيل، بريار وايتهيد” بأن الانجذاب المثلي: “يمكن أن يتأثر بنسبة 10% جينيًا، ولكن حتى هذا التأثير غير مباشر وضعيف، فعلى سبيل المثال: الجينات التي تجعل الرجل طويلًا لا تنتج لاعبًا لكرة السلّة بالضرورة”.

المثلية بين القضبان والإعدام

تتباين الآراء والنظرات في التعامل مع المثلي بين مؤيد يرى أنها حرية شخصية ولا شأن لنا بها، وبين معارض يري أنها ظاهرة مُدانة.

وتصل عقوبة المثلية في مصر بالسجن من شهر إلى 3 سنوات، تحت بند عقوبات الآداب.

أما الجمهورية الإسلامية في إيران والسعودية والسودان هي الدول التي توقع قوانينها عقوبة الإعدام على المثليين، إلا أن هذا يحدث في حالات قليلة لأن ذلك يشترط وجود 4 شهود على الواقعة.

وتنص المادة 534 من القانون اللبناني على معاقبة “كل من يمارس الجنس بشكل غير طبيعي” بالسجن لمدة عام، وقد شهدت لبنان بالفعل محاكمة أناس للاشتباه في مثليتهم.

الأردن هي البلد العربي المسلم الوحيد في الشرق الأوسط الذي لا ينص قانونه على تحريم المثلية.

تحظر كينيا المثلية وتفرض عقوبة سجن تصل إلى 14 عام، بينما تمتد العقوبة في ماليزيا إلى 20 عام، كما قدمت وزارة الصحة
الماليزية، مسابقة للشباب الذين ينتجون أفلام فيديو تثقف ضد عواقب المثلية والتحول الجنسي جائزة قدرها ألف دولار، وتكتفي إحدى مقاطعات إندونيسيا بجلد ما يزيد عن 80 جلدة.

هل هناك علاج لمرض المثلية الجنسية ؟

يعامل الطب المثلية علي أنها توجه جنسي معترف به وليس مرضًا فقد تم حذفها من المرجع الطبي الأول في العالم في تصنيف
الأمراض النفسية بعد دراسات عديدة سعت لإثبات أنها ليست مرض، بل أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تحق لطبيب نفسي القيام بأية علاج لانه غير مصنف كمرض نفسي.

إلا أن مقولة “لكل شئ علاج” تأتي لتثبت صحتها في هذه الظاهرة فهناك دراسة تم أجرؤها علي مجموعة من المثليين الجنسيين السابقين لمعرفة مدى تغير ميولهم الجنسية، فأتت النتائج لتوضح أن 67% من هؤلاء المثليين أصبحوا طبيعين تماما، و75% من الرجال و 50% من السيدات قد تزوجوا زيجات طبيعية، مما يعني أن هذه الظاهرة لها بالتأكيد من الحلول.

وتظل المثلية تمضي وسط هتافات عديدة وحديث دائر بين أحقيتها وبطلانها، وتظل المجتمعات هي المسئول الأول عن الحفاظ علي هويتها وقيمها،  وفي ظل كل هذا بات على الأسرة الدور الأكبر في ترويض أبنائها على الصواب.

موقف الأديان الثلاثة من المثلية

هلاك قوم لوط ومدينتي سدوم وعمورة في العهد القديم ما كان سواء إشارة ربانية  على تحريم المثلية الجنسية المخالفة للفطرة والطبيعة الإنسانية، فدائما ما تمضي الأديان رافعة شعار الحرية حق لكل إنسان على أن تأتي تلك الحرية في إطار حماية المجتمع من أية هزة أخلاقية تشيع فيه الاضطراب، لذلك فالأديان السماوية (الإسلام والمسيحية واليهودية) تجمع على تحريم المثلية.

بل إن هناك بعض الطوائف تعتبر عقوبة هذه الفعلة هي الإعدام والمذهب الشيعي في الإسلام يراها من الكبائر التي يهتز لها عرش الرحمن.

قد يعجبك ايضا
اضف تعليق